الطاعون الدبلي أو الطاعون الدبيلي أو الطاعون الدُمّلي أو الطاعون العقدي أو الطاعون النزفي (بالإنجليزية: Bubonic plague) هو مرض حيواني المنشأ ينتشر أساسًا بين القوارض الصغيرة والبراغيث التي تحملها. هو واحد من ثلاثة أنواع من الالتهابات التي يسببها طاعون يرسينيا (المعروف سابقًا باسم طاعون الباستوريلا) والذي ينتمي إلى عائلة الأمعائيات. يؤدي الطاعون الدبلي دون علاج إلى موت ثلثي المصابين خلال أربعة أيام من الإصابة به. في عام 2013 سجلت 750 حالة إصابة بالطاعون الدبلي، وأدى ذلك إلى موت 126 من المصابين به.
اسباب المرض (المسببات)
الطاعون الدبلي هو إلتهاب في الجهاز اللمفي، و عادةً يكون نتيجة لدغة من برغوث مصاب (برغوث الجرذان Xenopsylla cheopis). في حالات نادرة جداً، كما في طاعون إنتان الدم، فإن المرض يمكن أن ينتقل بالاحتكاك المباشر بنسيج مصاب بالعدوى أو من خلال التعرض لسعال شخص آخر مصاب. البراغيث عادةً ما توجد على القوارض مثل الفئران والجرذان، وتقوم بالبحث على فريسة أخرى عندما يموت القارض الذي كان يستضيفهم. البكتيريا تبدأ حياتها غير مؤذية، وتعيش في أمعاء الثديات. القدرة على الانتشار والتكاثر تعتمد فقط على قدرتها على التنقل من حيوان ثديي مستضيف لها إلى آخر. إن البكتيريا تبقى غير مضرة للبرغوث، وبذلك تسمح للحيوان المستضيف الجديد بنشر البكتيريا. البكتيريا تتجمع في معدة البرغوث المُصاب، (حيث أن البرغوث يتغذّى على الدم) و بذلك يتقيأ الدم المهضوم (الذي يكون دم مصاب) في موضع اللدغة في جلد القارض أو الإنسان. حالما يحدث ذلك، تبدأ البكتيريا في الانتشار السريع إلى الغدد اللمفية وتبدأ بالتكاثر والتضاعف بشكل سريع.
بكتيريا اليرسينيا يمكنها مقاومة البلعمة، كما يمكنها التكاثر داخل خلايا البلعمة وبالتالي قتلها. عندما يتقدم المرض، فإن العقد والغدد اللمفاوية يمكن أن تبدأ بالنزف والانتفاخ ومن ثم الموت. الطاعون الدبلي يمكنه أن يتقدم إلى طاعون إنتان الدم القاتل في بعض الحالات. الطاعون معروف أيضاً بالإنتشار إلى الرئة وبالتالي يتحول إلى المرض المعروف بالطاعون الرئوي. ذلك النوع من الطاعون لديه قدرة عالية على الانتشار حيث أن البكتيريا تنتشر عند السعال أو العطس.
تاريخة
الوباء الأول
إن أول وباء مسجل أصاب الإمبراطورية الرومانية الشرقية (الإمبراطورية البيزنطية) و قد سمي طاعون جستنيان تيمناً بالإمبراطور جستنيان الأول الذي أصابه المرض وشفي منه من خلال علاجات مكثفة. الوباء قد حصد حياة ما يقارب 25 مليون شخص (وباء القرن السادس) إلى 50 مليون شخص (تكرر ظهوره خلال قرنين). المؤرخ بروكوبيوس (Procopius) كتب في "المجلد II في تواريخ الحروب" عن مواجهاته الشخصية مع الطاعون وتأثيره على الإمبراطورية الصاعدة. في ربيع عام 542 م، وصل الطاعون إلى القسطنطينية وأخذ ينتشر من مرفأ مدينة إلى آخر حتى انتشر في المناطق حول البحر المتوسط، مهاجراً بعدها إلى المناطق الشرقية (آسيا الصغرى) و المناطق الغربية ( اليونان وإيطاليا). و لإن المرض أخذ بالانتشار براً بانتقال البضائع بسبب جهود جستنيان في الحصول على البضائع الفارهة في ذلك الوقت وتصدير أخرى، أصبحت عاصمته المصدر الأكبر للطاعون الدبلي. قد صرّح بروكوبيوس في عمله "التاريخ السري" بأن جستنيان كان إمبراطور شيطاني، حيث أنه إما اخترع المرض بنفسه أو كان الطاعون عقاباً من الله بسبب ذنوبه.
الوباء الثاني
في نهاية العصور الوسطى (1340-1400) مرت أوروبا بأفتك وباء طاعون مسجل في تاريخ البشرية "الموت الأسود"، و الذي كان وباء طاعون دبلي واسع الانتشار، حيث أنه بدأ في عام 1347 و حصد أرواح ثلث سكان أوروبا. و يعتقد أن ذلك أدى إلى جعل المجتمع أكثر عنفاً بسبب تزايد نسبة الوفيات، والتي أرخصت قيمة الحياة البشرية وبالتالي عملت على ازدياد الحروب والجرائم، والثورات الشعبية وما تبعها من موجات جلد وتعذيب و محاكمات واضطهاد. إن الموت الأسود نشأ في الصين أو بالقرب منها، ثم انتقل إلى إيطاليا وبعد ذلك إلى باقي أنحاء أوروبا. المؤرخان العربيان ابن الوردني والمرقرزي اعتقدا أن الموت الأسود قد نشأ في منغوليا، وقد تم إثبات ذلك استناداً إلى وثائق صينية أظهرت وجود وباء متفشي حينها في منغوليا في بدايات 1330م. و قد تم نشر بحث في عام 2002 و الذي اقترح أن الوباء قد بدأ في صيف عام 1346م في منطقة (سهبية؟ the steppe region)، حيثما احتياطي من مسببات الطاعون تمتد من الشمال الغربي لشاطئ بحر قزوين إلى جنوب روسيا. المنغوليين قد قطعوا طريق التجارة "طريق الحرير" بين الصين وأوروبا والذي أدى إلى إيقاف انتشار الموت الأسود من شرق روسيا إلى غرب أوروبا. بدأ الوباء نتيجة إلى هجمة شنها المنغوليون على آخر محطة إيطالية لتبادل بضائع تجارية في المنطقة، والتي كانت "كافا" في "القرم". في خريف عام 1346م، انتشر الوباء بين الأشخاض المحاصرين ومن ثم انتقل إلى القرية. و في الربيع التالي، فرَّ التجار الإيطاليين إلى سفنهم غير عالمين أنهم كانوا حاملين للموت الأسود. مبدئياً انتشر الطاعون بالأشخاص القريبين من البحر الأسود (بسبب القوارض والجرذان)، و من ثم انتشر إلى شتى أنحاء أوروبا نتيجة هروب السكان من منطقة إلى أخرى في محاولاتهم للابتعاد عن الطاعون.
كان هناك الكثير من المعتقدات الطبية العرقية لتجنب الإصابة بالموت الأسود. المعتقد الأكثر شهرة كان أنه بالمشي بالزهور حول أو في أنوفهم وعدم استنشاق الروائح النتنة يمنع "الشر الذي يصيبهم بسبب تكل الروائح". اعتقد الناس أن الطاعون كان عقاباً من الله، وأن الطريقة الوحيدة للتخلص منه هو رضى الله ومغفرته لهم. حيث أن معتقد آخر كان حفر رمز الصليب على أبواب المنازل مع عبارة "رب ارحمنا".
في بستويا بإيطاليا أقرّوا تشريعات وقوانين في المدينة وعلى المواطنين لإبقائها من خطر الإصابة بالموت الأسود. ابتدأت القوانين بمنع زيارة أي من المناطق المصابة بالطاعون وعدم إدخال من يذهب إليها إلى المدينة مرة أخرى، وعدم استيراد الكتان والصوف من مناطق أخرى وعدم دفن الموتى في المدينة. ولكن مع الرغم من القوانين الصارمة، فإن المدينة أصابتها العدوى.الأشخاص الذين لم يصابوا بالطاعون كونوا جماعات وابتعدوا عن المصابين، وكانوا يأكلون كميات محدودة من الطعام والشراب، لم يكن مسموحاً لهم الكلام مع الأشخاص الآخرين لأن ذلك كان يزيد من خطر الإصابة بالمرض.
حينما كانت أوروبا تمر بمعاناة هائلة بسبب المرض، كان باقي العالم أفضل حالاً بكثير. في الهند، ارتفع عدد السكان من 91 مليون نسمة في 1300م إلى 97 مليون نسمة في 1400م و إلى 105 مليون نسمة في 1500م. و بقي جنوب الصحراء الكبرى غير متأثر بالطاعون بشكل عام.
وتميزت القرون التالية بتفشيات إقليمية محلية بشدة أقل. طاعون ميلان العظيم (1629-1631)، طاعون سيفيل العظيم (1647)، طاعون لندن العظيم (1665-1666)، طاعون فيينّا العظيم (1679)، طاعون البلطيق العظيم (1708-1712) و طاعون مرسيل العظيم (1720) كانوا أقوى تفشيات الطاعون الدبلي في أوروبا.
كرونا و الطاعون الدبلي
تخوض الصين معركة صحية بسبب الطاعون الدبلي، لكنه مرض لا يبدو، حتى الآن، في درجة خطر فيروس كورونا، حسب منظمة الصحة العالمية.
المنظمة التي تواجه انتقادات عدة على خلفية تعاطيها مع فيروس كورونا، أكدت أنها لا ترى في مرض الدبلي في الصين خطرا حقيقيا.
كما أعلنت أنها لا تصنف الدبلي كطاعون أو وباء، مشيرة إلى أنها مستمرة بمراقبة أعداد الإصابات بالدبلي.
وجاءت تصريحات منظمة الصحة العالمية بشأن هذا المرض، عقب تسجيل الصين إصابات مؤكدة بطاعون الدبلي خلال الأيام الماضية، في منطقة منغوليا الداخلية شمالي البلاد.
وبينما لا يثير الأمر مخاوف الخبراء حتى الآن، يشير البعض بقلق إلى تاريخ التعامل المبكر من قبل المنظمة العالمية مع تطورات فيروس كورونا، حيث أكدت في فبراير الماضي أنه ليس وباء، قبل أن تعود بعد أيام قليلة لتصفه بـ"عدو البشرية".
وسجلت أول إصابة بكورونا في سوق بمدينة ووهان الصينية في ديسمبر الماضي، قبل أن يتوحش الفيروس ليقتل أكثر من نصف مليون إنسان ويصيب ما يقرب من 12 مليونا
عاش🖤
ردحذفجميل
ردحذف